24 مايو 2012

اعترافات مواطنة مش فاهمة حاجة


أود أن أسجّل اعترافًا.

أنا لم أشارك في ثورة 25 يناير 2011 بأي شكل! لم أشارك في المظاهرات، لم أشترِ أعلامًا، لم أتبنّ موقفًا دفاعيًا أو هجوميًا تجاهها، لم أملك حتى حسابًا على (فيس بوك) لدعم أو "تشيير" أي خبر كان، كما لم أشترك قط في حديث عن الشهداء.
لقد التزمت بحيادية مميتة، وكان دافعي أنني لا أفهم شيئًا!
ففي يوم الثلاثاء 25 يناير كنت في منطقة الرمل بالإسكندرية، أقضي نزهتي الأسبوعية التي تتلخص في التمشية لبعض الوقت، شرب "الكابتشينو" في مقهى "البن البرازيلي" الشهير، شراء كتاب أو اثنين، ثم العودة. فوجئت يومها بعربات الأمن المركزي منتشرة حتى في الشوراع الجانبية، وأحسست بأن الجو مشحون لسبب لا أعرفه. قلت ربمّا هناك "مرور" ما لشخصية مهمة! (ما أجهلني!)
لقد كنت بجوار معقل المظاهرات في الإسكندرية (ساحة مسجد القائد ابراهيم) ولا أدري شيئًا!
ما عزز إحساسي بأن شيئًا مختلفًا يحدث هذه المرة هو أحداث الجمعة 28 يناير. كان مفترضًا أن أذهب لعملي يوم السبت 29 يناير، وبما أنها فترة امتحانات فلا يمكنني التغيّب (أو هكذا حسبت). وبالفعل خرجت من منزلي صباح السبت في الساعة الثامنة، وتجرأت على ركوب المواصلات (لا أعلم كيف نزل هؤلاء السائقون بالأصل للعمل!)، وذهبت لأفاجأ بغياب عدد كبير من زملائي، ومن الطلبة، وبتعجُّب كل من رآني كيف سمحوا لي في المنزل أن أذهب للعمل!
ربما كان هذا هو الشئ الوحيد الذي داومت عليه وقت اشتعال الثورة، أنني حاولت ألا تؤثر الأحداث على نمط حياتي أو عملي أو روتيني اليومي، رغم أنني كنت متعبة من رؤية المدرعات والدبابات في كل الشوراع، وقد تضاعف لدي إحساسي بعدم الأمان، وبالخوف من كل الناس. ربما أيضًا انتابتني حالة من الإيجابية التي طالما ورطتني في المشاكل، ولكن كان هذا هو كل ما فعلته منذ أن قامت الثورة .. حتى الآن.
اليوم 24 مايو 2012 ذهبت للجنتي الانتخابية الكائنة بإحدى المدراس، والتي تبعد كثيرًا عن منزلي، وقد آثرت الذهاب اليوم بدلًا من أمس حتى أتجنب الإزدحام.(راجع تجربتي المريرة في انتخابات مجلس الشعب الماضية في نفس اللجنة).
دخلت للجنة الفرعية مباشرةً دون انتظار أو طوابير، أتممت الإجراءات، وصوّت لمن اخترته.
الناس صنفان، صنف يقود وآخر يُقاد. القادة هم الذين "يفهمون"، ولأنني لم أفهم يومًا شيئًا فقد كنت أُقاد. تحركني كلمة أو حوار لأحد الشخصيات، وظللت ضمن كتلة الأصوات العائمة حتى أمس!
قلتُ لنفسي: ها أنتِ الآن تغمسين اصبعك في الحبر في أول انتخابات رئاسية حقيقية في بلدك، ومن قادك لتلك المرحلة لم تفهميه للحظة واحدة. عارٌ عليكِ أنك لازلت لا تفهمين! فلتتمتعي بممارسة حقوقك كمواطنة وأنتِ يومًا لم تفهمي شيئًا.



.

0 التعليقات:

إرسال تعليق