21 يونيو 2012

ناتالي الأمريكية .. في مصر

من التجارب المسليّة جدًا أن تخرج مع أمريكية شقراء حتى النخاع في شوارع الاسكندرية!

ناتالي .. فتاة أمريكية تعرفت عليها عبر موقع لمحبّي السفر. دَرَسَتْ اللغة العربية لأربع سنوات في أمريكا، حتى تعمل بعدها في تدريسها لغير العرب. وقد كان هذا سبب اختيارها للمجال فهو -حسب قولها- مجال غير مطروق وذو مستقبل واعد في الولايات المتحدة.
حصلت ناتالي على منحة لدراسة ماجستير اللغة العربية، وتتضمن المنحة الاحتكاك بالعرب طوال فترة الدراسة، لذا فقد قضت السنة الأولى من الدراسة في سوريا، والآن تقضي السنة الثانية في مصر.
رغم صغر سن ناتالي وكونها أمريكية إلا أنها متزوجة منذ عامين من شاب عراقي.
تحدثنا سويًا لثلاث ساعات وحقًا لم أشعر بمضي الوقت معها! هي كتلة من الحماس وخفة الظل والعطف. المثير للضحك فعلًا هو نظرات الناس لها في المقهى والشارع! وعندما ترى تلك النظرة في أعينهم فإنها تضج بالضحك بأعلى صوت، وتلكزني لأراهم! (هي بالفعل جميلة جدًا ونظرتها ساحرة) :))
نظرًا لنوعية دراستها فإنه تحتم عليها دراسة الفقه والشريعة، وبعضًا من السياسة والاقتصاد. ترى (تشومسكي) استفزازي؛ فهو -في رأيها- يقول ما يقول فقط ليكون مختلفًا ومشهورًا. تشاهد القرضاوي باستمرار ومعجبة بأفكاره، كما تقرأ لنجيب محفوظ بالعربية رغم صعوبة الأمر.
هدفها في الحياة على المدى البعيد أن تتكلم خمس لغات بطلاقة قبل أن تموت، أما على المدى القريب فهي تنوي أن تقرأ القرآن والإنجيل باللغة العربية. فعليًا قد قرأت جزء بسيط من القرآن وأتعبتها لغته جدًا، فأخبرتها أننا -العرب- نجد ألفاظه صعبة وتحتاج إلى شرح حتى نفهمها تمامًا.
تتعجب من تعصب بعض من قابلتهم الشديد للإسلام، وتقول أنها عندما تناقشهم يثورون، فترد عليهم بأنهم لم يُخّيروا بين الإسلام وغيره، وإنما هم فقط مسلمون بالميلاد، ويجب عليهم أن يقتنعوا تمامًا بعقيدتهم حتى إذا فُطِروا عليها، وأنا متفقة معها مائة بالمائة في تلك النقطة.
رغم وصولها منذ فترة قصيرة إلى مصر، إلا أنها لاحظت شيئين: الأول أنها عندما تكلمت مع بعض المصريين بخصوص وظائفهم وجدت أن بعض الوظائف يُنظر لها نظرة دونية (وغير محترمة) مثل وظيفة النادل، بمعنى أن كونها كانت تعمل كنادلة في أمريكا يجعل البعض يعتقد أنها "غير منضبطة" أخلاقيًا!
الملحوظة الثانية كانت عن الرجال في مصر، لماذا يركزون بهذا القدر على المرأة وكل ما يخصها، خصوصًا موضوع زيّها؟ فقد أدى ذلك -في رأيها- لنشوء تلك الحساسية المفرطة تجاه كل ما هو أنثوي، فهي ترى أن كثرة التركيز  على هذا الأمر دفعت الرجال إلى التفكير فيه أكثر، وهو بالنهاية ليس بالأمر الجلل! لا بل تعجبت من التحرشات التي تتعرض لها النساء في بلادنا رغم كونهن محجبات أو على الأقل محتشمات، وهو ما لا تراه في أمريكا رغم التحرر في الملابس! (هي لسه ماشفتش حاجة من الأمراض اللي عندنا).
كما أنها كانت تحكي ضاحكة عن ملاحقة الرجال لها في الأماكن العامة، فهم يعتقدون أن كونها أجنبية يجعل منها فريسة سهلة لهم، وتقول: "إن المشكلة ليست في كوني متحررة أم لا، لكن المشكلة أنني لا أنام مع كل رجل أقابله! فليس لمجرد أنه دعاني لهذا أن أقبل! عذرًا ولكنّي نادرًا ما أجد هنا رجلًا يعجبني!"
(معلش هو بيبقى فاكر إنه حفيد الفراعنة بقى وما يترفضش)
خصوصًا وأنها تفهم جيدًا أنهم يتقربون منها طمعًا في الجنسية وخلافه.
وعند ذكْر الرجال، سألتها عن علاقتها برجل عربي، وكيف تواجه صعوبات كونهما من خلفية ثقافية متباينة، والأهم، يتحدثان لغة مختلفة. فقالت أنهما يتحدثان بالعربية السورية سويًا حيث أنه يجهل الإنجليزية وهي تجهل اللهجة العراقية، لكن في وقت المشاحنات بينهما تكون المشكلة جلية، حيث أنها تعبّر عن غضبها بالسورية لكنها تفقد منطقيتها وقدرتها على انتقاء المصطلحات الصحيحة التي تتطلب بعضًا من هدوء الأعصاب، وتكون النتيجة أنه يفهم كلامها بشكل خاطئ مما يعظّم الخلاف.
وحينها سألتها بماذا تنصحين من هو مقبل على الإرتباط بشخص مختلف عنه ثقافيًا مثل حالتكما؟ فردت بأن أهم شئ هو الصبر، أن يصبر كل من الطرفين على الآخر، وأن يأخذ كلامه بمحمل جيد قدر الإمكان حتى في وقت الغضب، حتى يتمكنّا من التوصل لأرضية مشتركة مع الوقت.

إجمالًا فقد قضيت معها وقتًا رائعًا، وتحدثنا في العديد من الموضوعات وعلى رأسها بالطبع الإسلام، والإرهاب، والنزاع الفلسطيني -الاسرائيلي، وأعتقد أنها استمتعت كذلك، فحسب قولها لم تتوقع أن تقابل فتاة مصرية منفتحة عقليًا وغير متعصبة بهذا الشكل، وقد كنت فعلًا في حاجة إلى الحديث مع أشخاص ذوي تجارب مختلفة وعقلية "غير شكل" مثل ناتالي ..