04 ديسمبر 2012

اليوم صفر



النهاردة يوم تاريخي.. مش عشان مسافرة للخارج لأول مرة في حياتي، ولا عشان رايحة الهند بلد الأفيال والأديان والتنوع..لأ.. أنا أخيرااااااا ركبت طيارة!
واحدة واحدة بقى..
أنا بقالي أسبوعين بستفسر من صحابي عن أدق تفاصيل الإجراءات في المطارات، وركوب الطائرة نفسه، بس التجربة غير السمع خالص!

أولا مطار القاهرة: أنا أول مرة أروح مطار في حياتي، حتى لما والدتي سافرت للسعودية عمري ما اشتركت في توصيلها من أو إلى المطار (أنا بكره لحظات الوداع جدًا).
المطار مهيب، له رهبة كده لوحده. والدي وصلني لحد البوابة الداخلية قبل الوزن، وسلّم عليّ وفضل واقف بره (تاني بكره اللحظات دي! حرام بقى كده!)
المهم.. توجهت إلى "الوزن"، كان فيه كذا طابور؛ طوابير الدرجة الاقتصادية، وطوابير البيزنس والدرجة الأولى. طبعا وقفت بكرامتي في طوابير الإقتصادية الزززززززحمة، وجنبي مباشرة طوابير الناس الهااااي، وفجأة طابورهم خلص، فقلت للمضيفة بوجه كله براءة: ممكن أسجل وزن هنا؟ (مع بربشة عيون طفولية).. قالت لي تعااااالي مش هزعلك (وسط حقد وغل من كل الطابور بتاعي). :P
المهم خلصت، ورحت للجوازات، ونسيت عند ظابط الجوازات التذاكر ونده عليّ عشان آخدهم، فقلت له (معلش محسوبتك أول مرة تسافر) قالي (ما هو واضح) :D
(تفاصيل مملة جدا للي سافر قبل كده، إنما اللي مسافرش خالص هيلاقيها.. مملة برضه)

نيجي بقى للحظة المنتظرة... الطيارة
 لأ فيه لحظة مهمة قبل دي.. لحظة أما أتوبيس المطار خدنا وبدأ يتحرك تاركًا مطار القاهرة ومتجهًا للطائرة.. قلبي رقص ساعتها، مش من الفرحة.. من الشجن! حسيت بشجن غريب وقتها، كإني هموت، كإني سايبة قلبي في مصر وماشية مجوفة!
أول بقى ما نزلت منه وشفت الطيارة، قلبي رقص برضه، بس من الفرحة! شكل الطيارة فظيع! إييييه الجناح ده!، وإيه المروحة دي!! يالهووووووووي (مع فتحة بُق 3 سم) :D
أول ما طلعت الطيارة اتعصبت! أولا مكاني كان في الصف اللي في النص وأنا كنت هموت وأقعد جنب الشباك! :(
ثانيًا، قعد جنبي رجل من النوع اللي فاكر نفسه أمور ده، وبيستظرف بقى، ومفيش مانع يخبطني، ومفيش مانع يريح عليّ شوية، طبعا أنا ماتوصاش: صدّرت الوش الجبس وقلت له لو سمحت ما تريحش عليّ كده! قلت في بالي (شكلها رحلة همّ وهنقضيها مشاحنات). ناديت ع المضيفة وطلبت منها تغيّر الكرسي بتاعي، وغيرته فعلا بعد إقلاع الطائرة، وبصيت للأخ اللذيذ بصة بقى ما معناها (موتوا بغيظكم) :D

المضيفات: يا جماعة إذا خُيّرتم فاختاروا طيران الإمارات! الخدمة سبع نجوم، قمة الأخلاق، الذوق، الابتسامة التي تبدو بلاستيكية (وأحيانًا ضجرة) عند بعضهم وحقيقية عند الآخرين (بس فيه ابتسامة كده كده)، وأخيرًا جمال المضيفات! كان فيه مضيفين رجال بس ماستظرفتش ولا واحد فيهم، المضيفات بقى... أول مرة أقول يا ليتني كنت ذكرًا! :D بنات ع الفرازة بكل معنى الكلمة، مفيش غلطة! أكتر واحدة عجبتني فيهن كانت المضيفة اللي ناديت عليها عشان تغيّر الكرسي بتاعي، ابتسامتها رائعة وحقيقية، وعينيها تجنن! ولما سألتني عاوزة أغيّر مكاني ليه، قلت لها إن الشخص اللي جنبي (is bugging me) فضحكت ضحك! :D، ولفّت كتير جدًا عشان تلاقي لي كرسي حلو، وجات في الآخر تقولي على الاختيارات المتاحة عشان أنقي! :D
كان نفسي أعرف جنسيتها إيه، بس لكنتها بتقول إنها غالبًا إيطالية.

الناس عادةً ع الطيارة بتشوف أفلام أو بتسمع أغاني، من خلال الشاشة المقابلة، وكنت مستغربة جدا منهم! إذا تسيبوا الإثارة المنتظرة من إقلاع وهبوط وتتفرجوا على أفلام! أنا حتى حاولت أقرأ كتير وماعرفتش، مش عارفة أركز خالص من كتر الإثارة والفرحة اللي حاسة بيها!
لحظة الإقلاع كانت مدمرة بالنسبة لي، عينيا اتملت دموع، وجسمي كله كان بيتهز مع رجرجة الطائرة. لحظة الهبوط بقى كانت حكاية تانية.. أول ما بدأ الهبوط شغلت الشاشة قدامي على كاميرات الطائرة الأمامية عشان أشوف المهبط، وللأسف الدنيا كانت ليل بس شفت الأضواء والعلامات. ساعة لما الطيارة لمست الأرض حدفت ناحية الشمال جامد جدًا لدرجة إن الناس اتخضت -وأنا برضه مانكرش- بس أنا حسيت بالإثارة أكتر من الخوف، وكل أفلام الطيارات اللي بتنفجر وتقع جات في بالي ساعتها وقلت (الله ده فيه أكشن) :D :D بس جات سليمة الحمد لله، والطيار لحق نفسه قوام.
حاليًا أنا في مطار دبي (ترانزيت) وفي انتظار طائرة هايدر آباد-الهند. طبعًا مطار دبي أكبرررررر وأوووووسع وأزحم بمراحل من مطار القاهرة! زائد إن تقريبًا مفيش عرب! أول ما نزلت قلت لنفسي: شغلي الإنجليزي يا فتحية! :D

لحد دلوقتي مش متخيلة إن بيني وبين مصر آلاف الأميال!

29 نوفمبر 2012

عام جديد.. أهداف جديدة.. "أنا" مختلفة


قررت أن أتّبع تقليدًا منتظمًا، هو أن أكتب تدوينة عن عيد مولدي كل عام، وأن أقرأ ما سبقتها من تدوينات حتى أدرك مدى تطور شخصيتي وأهدافي وطريقتي في التعبير عن نفسي عبر السنوات.
قرأت تدوينة العام الماضي بعنوان (أزمة منتصف العشرينات)، وفرحت، لأنني شكوت فيها من تجاهل أصدقائي لما أحب عندما يودّون مهاداتي. هذا العام هو الوحيد الذي تلقّيت فيه كتبًا كهدايا من أشخاص عزيزين على قلبي، وأنا ممتنة لهم بشدة. والأروع أنني تلقيت كتابًا قيّما من صديقة عزيزة لم يساندني الحظ أن أراها وجهًا لوجه لمرة واحدة، ومع ذلك اهتمّت أن تهاديني بهدية منتقاة تنمّ أولًا وأخيرًا عن ذوق صاحبتها الرفيع، وسأظل أشكرها عليها لآخر عمري.


أعددت قائمة من عشرة أهداف، وسأطالعها في العام الجديد حتى أرى ما حققت. أتمنى -وسأسعى- أن أحقق أكثر من خمسين بالمائة منها خلال العام القادم. بالقائمة أهداف ضخمة، تحتاج لوقت وإعداد لتحقيقها، وأخرى أبسط، وربما أتفه! بعض الأهداف شرعت في تحقيقها بالفعل لكن عليّ إتمامها.

1- السفر للخارج (وربما العيش بالخارج إذا تمكّنت من الحصول على تلك الفرصة)
(للعجب أنني لم أسافر للخارج مطلقًا، ولم أركب طائرة قط! وبائت خططي بالفشل أكثر من مرة، لكن أخيرًا نجحت في تحقيق هدفي الأول، وسأسافر بعد ثلاثة أيام إلى الهند، وسأمكث هناك لثلاثة أسابيع "رقم 3 هو رقم حظي بالمناسبة").
(يبدو أنني أُعجبتُ بـ (ليز) في كتاب (طعام.. صلاة.. حب)، وسأحذو حذوها على طريقتي، فقد بدأت هي بإيطاليا للترفيه، ثم الهند للتعبد والتأمل، وأخيرًا انتهت في إندونيسيا فعثرت على الحب. أما أنا فسأبدأ بالهند، تليها الدول التي تثير إعجابي بتقدّمها وتراثها معًا، وربما أمرُّ على إيطاليا في النهاية فقط.)
لو سُئِلت أي الدول أختار لأعيش بها، سأختار ألمانيا. لم أزرها قط لكن لي أصدقاء ألمان، ومن قبل أن أصارحهم برغبتي تلك قالوا لي أن شخصيتي ونمط حياتي سيجعلاني أتكيّف بسهولة مع المعيشة هناك.

2- الإنتهاء من رسالة الماجستير

3- تعلّم لغة جديدة (غالبًا ستكون الفرنسية أو الألمانية)

4- حفظ ثلاثة أجزاء من القرآن، وفهمهم وتدارسهم بشكل كامل قبل حفظهم، بتوزيعهم طبقًا لجدول زمني على مدار العام.

5- تغيير لون وقَصّة شعري (حدث بالفعل منذ أيام) :P

6- شراء Punching bag
(من أكثر الأنشطة الرياضية التي تمحو الضغط العقلي بعد يوم مرهق ذهنيًا أو نفسيًا)

7- ممارسة رياضة الجري بانتظام.

8- أسعى لتغيير نواحٍ معينة في شخصيتي، أراها سلبية، رغم صعوبة الأمر. أهمها عصبيتي الزائدة، وسوء ظني الدائم بالآخرين. مازلت هشة -أعترف- رغم صرامتي الظاهرية، لذا سأسعى هذا العام أن أتبلد وأتجلّد ولو قليلًا، إن لم يكن مواجهةً للحياة الصعبة فعلى الأقل احترامًا لعمري!

9- أريد أن أكتشف نفسي حقًا. هذا هو الهدف الأصعب في كل ما سبق، لإنني لا أعرف كيف أبدأ أصلا تحقيقه! أشعر أنني درست بالجامعة مُسبقًا الشئ الخطأ، ولازلت أدرس الشئ الخطأ، ولم أعد أعرف إلى أين سيقودني هذا الطريق! لكنني أكيدة أنني في المكان غير الصحيح.

10- هل يصح أن أكتب في قائمة أهداف مستقبلية شيئًا على غرار (أن أجد الحب)؟ لا يصح لإنه ليس هدفًا في حد ذاته، ولا يتحقق بالسعي أو التخطيط، لكنني سأكتبه رغمًا عما سبق لأنني فقط أريده، ورغم ذلك يأتي في ذيل أولوياتي.
(لقد قلت الحب وليس الزواج، فهناك فرق شاسع، ورأيي في الزواج لم يتغير عن العام الماضي؛ إنه السجن الذي أجدني أعقل من أن أخطو إليه بكامل إرادتي!)

16 سبتمبر 2012

شعب متديّن بطبعه.. حوار مع سائق تاكسي

اضطُررت اليوم للأسف أن أستقل "تاكسي" للعمل، وأتجنب ذلك قدر الإمكان حيث أن المسافة بين منزلي وعملي طويلة نسبيًا وقد يوقعني حظي السيئ في سائق تاكسي يريد أن "يسلّي السكة" فيعكّر مزاجي الصباحي بحديثه ... مثلما حدث اليوم.
ركبت في المقعد الخلفي، وكانت هناك فتاة بجوار السائق. بعد فترة وجيزة من الصمت (ما أحلاها) وصلنا إلى نقطة اختناق مروري أمر بها كل صباح، وسبب الاختناق الدائم فيها هو الميكروباصات التي تقف بشكل مستعرض! علّق السائق في استياء على هذا الوضع المؤسف، فأومأت برأسي موافقةً، وأضفت (أنا اللي جبته لنفسي) أننا للأسف نحتاج أن نخضع للمراقبة كي نلتزم بالفعل الصحيح في الشارع، دون أي وازع ضميري من داخلنا. فوافقني السائق أن هذا من الأساس سببه هو التربية الخاطئة (لحد دلوقتي الراجل عدّاه العيب). لذا توسّمت فيه الخير وقررت أن أضيف جملة أخرى:
أنا: للأسف اللي بيحصل كله مالوش علاقة بالتدين اللي بندّعي إنه موجود فينا عمّال على بطّال!
السائق: لاااااا دي حاجة ودي حاجة! ربنا قال (وإنه لحب الخير لشديد) يعني كلنا بنحب الخير بس بنحبه بدرجات!
أنا طبعا ماسكتش (على غير العادة) وقلت له: لأ تفسير الآية دي إن الإنسان بفطرته خيّر، بس ممكن الظروف الاجتماعية والنشأة تحوّله لشخص غير سوي، ومن أجل هؤلاء خُلِق القانون. بس ده مالوش علاقة برضه بجملة (إحنا متدينين) دي!
السائق: لأ طبعا! إحنا شعب متدين جدا!
أنا: لأ إحنا مانعرفش من الدين غير العبادات، بس الأخلاق ولا لينا دعوة بيها! لو فيه دين ماكنتش تلاقي فوضى المرور دي، ولو فيه دين ما كنتش تلاقي التحرشات الموسمية، ولو فيه دين كنت تلاقي إتقان العمل يعني صنعة نضيفة وأمانة في تقفيل الشغل، ولو فيه دين كان كل واحد ساب التاني في حاله وخلّاه في نفسه وبس! كمثال شوف أي بنت إنت بتثق فيها وإسألها بتتعاكسي كام مرة طول اليوم؟ هتقولك يووووووووه كتير! وبيبقوا بدقون وزبيبة الصلاة قد البتنجانة في وشه!
السائق: لأ معلش فيه بنات مش بتتعاكس (قالها بطريقة الأطفال لما يصروا على حاجة ويدبدبوا في الأرض)!!
أنا: استحالة! أصلا التحرشات معظمها بمنقبات ومختمرات! وده برضه لا يعني إن واحدة عريانة فإنت تعاكسها، أمّال ربنا قالك غضّ بصرك ليييييييه بقى؟؟؟؟؟ ده غير إن الرجال شايفينها بتتعاكس ومش بيدافعوا عنها، وده برضه ضد الدين!
السائق: طب ما ربنا قال (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء)، يعني لو بيصلّي هيبقى كويس!
أنا: (ضحك هستيري) يا أستاذي ده لما يبقوا بيصلّوا بجد، مش مجرد طالعين نازلين وخلاص! أنا لسه ماسكة واحد من كام يوم في الشارع مبهدلاه عشان واقف يعاكس البنات!
السائق: لأ إنتِ تقوليله إتق الله بس! دي كلمة تهدي العاصي!
أنا: مش لما يعرف (الله) الأول عشان يتقّيه!
السائق: بس فينا ناس كويسة برضه، مثلا واحد زي الشيخ وجدي غنيم، راجل علّامة.
أنا: (وجوم مع فتحة بُق 3 سم) بتقول مييييييييييييين؟ :D
السائق: ده رجل فااااااضل، واتق الله وإوعي تغلطي فيه!
(على فكرة أنا مختصرة الحوار جدا وشايلة تفاصيل بالهبل)
أنا: ما علينا منّه، رأيك وإنت حر فيه، بس أنا مش عاوزة حاجة من الناس غير الأخلاق، مايهمنيش بيصلوا ولا لأ، بيصوموا ولا لأ، كل دي حاجات بينك وبين ربك أنا ماليش دخل فيها، تعاملك معايا أنا هو اللي يهمني. يعني إنت مثلا بتقولّي (ليلى علوي) أحسن ولا واحد بيصلي ويصوم؟ أنا بقولك الله أعلم! اللي مش عاجباك دي ممكن تكون عند ربنا أحسن منّي ومنك مليون مرة! وأكم ناس شكلها حلو ومذوقة وبتقول قال الله ونبيه وهم في الخفاء أبعد ما يكونوا عن ده! حسابات ربنا ماحدش له دعوة بيها، ركز في نفسك وبس.
السائق: لأ ليّ دعوة! وذكر الحديث الشريف ده:
"مُرّ بجنازة فأثني عليها خيراً فقال النبي: وجبت وجبت وجبت، ومُرّ بجنازة فأثني عليها شراً فقال النبي: وجبت وجبت وجبت، فقال عمر: فدى لك أبي وأمي، مر بجنازة فأثني عليها خيراً فقلت وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثني عليها شراً فقلت وجبت وجبت وجبت، فقال النبي: من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض"
والسائق فسّر الحديث (أو نقل تفسيره بقى) إننا -البشر- شهداء على بعض وربنا بياخد بكلامنا (!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!)
أنا: أصلا الحديث ده له روايات كتير جدا على فكرة وكل واحدة شكل بس ماشي، المقصود من الحديث ده وفقًا لفقهاء أنا أثق فيهم إن وقت مرور الجنازتين ربنا بيُلهم بعض الناس بالثناء ده، والناس اللي شايفة الجنازة لو جرى على لسانها مدح في الشخص فده غالبا دلالة على قبوله عند ربنا (ده معنى شهداء هنا مش معناها مراقبين)، والعكس صحيح. وده برضه لا يمنع إن الناس تُخدع في بعض الشخصيات، والحقيقة عند ربنا.
السائق: طب وسيدنا عليّ ....
أنا (قاطعته): من فضلك طالما بكلمك عن زماننا كلمني عنه، لما أسألك كذا ده مع أخلاقيات الدين ولا لأ جاوبني بشكل مباشر واتكلم في حدود زماننا، مش كل حاجة تقولي أيام الرسول عليه الصلاة والسلام. أيامه على دماغي وبرضه (أنتم أعلم بشؤون دنياكم) ولا إيه؟ بُص دلوقتي على نهش البشر في بعض، على الجري ورا لقمة العيش، على دوران الناس في ساقية طاحناهم طحن!
السائق: ليه يعني هو الناس وقت الرسول كانت مرفهة؟! ما هم كانوا في الصحراء والحرّ!

هنا خرجت الفتاة عن صمتها لأول مرة منذ بداية الحديث، وقالت له:

الفتاة: إحنا دلوقتي بنعاني من حاجة اسمها (ثقب الأوزون)، واحتباس حراري جايب مصايب ع العالم كله، والغرب همّ دلوقتي اللي فاقوا وبدأوا يلملموا في المصيبة دي، وإحنا في الطراوة، مع إنك كمسلم بقى المفروض تحافظ ع الكون مش تخرّبه! ولا إيه؟!
السائق(انفعال شديد بقى وبدأ صوته يعلو): أنا فاهم الكلام ده كله على فكرة! كل ده هجص صدّره لينا الغرب. الكلام ده مالوش أساس!
                              (غطيني وصوّتي يا زينب)
الفتاة: يعني إنت عاوز تشوف السما مخرومة عشان تصدّق (عسل وربنا) ، ده علم! إنت مش مؤمن بالعلم؟ ده ربنا قالك أول آية نزلت (إقرأ) يعني إفهم.. إتنور.. إتعلم مش اتفرج على برنامج ورددّ اللي جه فيه! (وجون وجون وجووووووون) :D :D
السائق: قالها لأ اللي يجي من الغرب الكافر مش عاوزه، أنا كمسلم أحسن من أي حدّ تاني!
                    (الراجل خرّم ع العنصرية... ما هي ظاطت بقى)
أنا: طيب طالما مش عاوز حاجة م الغرب يا ريت ما تسوقش التاكسي ده، ولا تمسك الموبايل ده، ولا تلبس الهدوم اللي مصنوعة في الصين دي، كل دول مش مسلمين! إنت بقى صدّرت إيه للخارج بالصلاة ع النبي؟ :D
كان لسّه هيردّ قلت له على جنب بقى كفاية عليّ كده :D
إنتهى الحوار الحمد لله، البنت يا عيني كانت لسه مكملة معاه، وسلمت عليّ وقلت لها ربنا معاكِ :D
الحوار ده شغلني طول اليوم، أولا لإن الراجل ده بيمثل قطاع لا يستهان بيه من الشعب، القطاع اللي واخد الدين (الأفيونة) بتاعته، إنما لا فاهمه صح ولا عارف حاجة خالص، وكل معلوماته سمعية 100%، لا عمره قرأ كتاب ولا إتعلم يناقش فكرة سمعها. آمين علطول!
ثانيًا لإن الراجل ده اتبع معايا طريقة التصنيف حتى لو مقالش، بس في عقل باله أكيد يا قال دي علمانية (وهو مش فاهم يعني إيه برضه) يا إما (مش محترمة وأهلها مش مربيينها) وفي الحالتين كارثة! القطاع ده برضه مسيطرة عليه فكرة الإقصاء، إنت مش زيي تبقى ضدي، وربنا يهديك واتقّ الله ويسمّعك الشريط كله!
أنا مش عارفة الحل مع الشريحة دي إيه بصراحة، غُلبت واحتار دليلي، فيه أمل في تقويم الفكر ده، ولا خلاص والأمل كله في الجيل الجديد (اللي برضه دول اللي هيربّوه أمّال مين يعني؟)!!



ملحوظة: أي حدّ يقرأ الموضوع ده وعاوز يدخل يناطحني بكلمتين برضه من نوعية اتق الله يا أختي وفكّري كويس، وراجعي نفسك، يا ريت ما يتعبش صوابعه ويكتب التعليق، وسيبوني أمارس مرة بقى الإقصاء الفكري!

08 أغسطس 2012

2008 زي النهاردة

زي النهاردة من 4 سنين كان أول يوم في حياتي في الشغل. وقتها كنت متخرجة بقى لي شهر تقريبًا، وبعد ما شبعت من البيت في الشهر ده حسيت بالملل، وقلت لأ بقى عيب كده عاوزين نكوّن نفسنا! :))
ماكنتش محددة بالظبط أنا عاوزة أشتغل في أنهي مجال داخل الصيدلة، بس مؤشراتي النفسية كانت متجهة ناحية مصانع الأدوية خصوصًا بعد ما اتدربت في مصنعين وقت الدراسة. بس لإني مرنة قلت أجرّب أقدّم "السي في" في مجالات مختلفة علّني أحبها. قدّمت في مصانع، وشركات دعاية ... وإلى حين الردّ مكانش قدّامي غير الصيدليات .. (على قفا مين يشيل).
حطّيت اسمي في النقابة، وبعدها بيومين صاحب الصيدلية كلّمني وحددنا ميعاد للمقابلة. رحت ووافقت على التفاصيل. رغم إن الصيدلية كانت في مكان راقي (زيزنيا) وكانت هادئة نسبيًا، وكنت أنا اللي همسك "الشيفت" (محدش هيتمريس عليّ يعني) إلا إن كل دول مكانوش الأسباب الرئيسية اللي خلتني أوافق. أنا وافقت لإن الصيدلي كان خلوق جدًا، وأنا الإنسان يهمّني أكتر من أي اعتبارات أخرى.
قبل الصيدلية دي كنت هشتغل في صيدلية تانية، وبعد ما اتدرّبت فيها 4 أيام سبتها، ليه؟ ... لأ يوم تاني يكون ليّ نفس أعيّط فيه هبقى أقولكوا بقى :)))
المهم .. اشتغلت في الصيدلية دي لمدة شهر واحد، وقبضت أول مرتب ... ياااااااااه على سعادة أول مرتّب دي! 350 بحالهم (ثروة أنا عارفة) بس كانوا بالنسبة لي 3500 جنيه!
قلت أشتري حاجة من أول مرتّب وتفضل تفكّرني بيه، اشتريت (فلاشة) 2 جيجا، وقتها كانت بـ 50 جنيه .. الفلاشة دي معايا وبستخدمها حتى الآن.
أثناء الشهر ده ماكنتش ساكتة، كنت بروح مقابلات في شركات دعاية كتير، ... دول بقى ليهم قصة تانية خااااااااااااالص ... بعدين بقى بلاش نكد :))
ومن ضمن المقابلات كانت مقابلة شغلي الحالي، دي بقى أكتر مقابلة رحتها وأنا "مستبيعة" تمامًا! كنت سامعة كلام كتير إن لازم يكون معايا (واسطة)، ولإني وقت التخرج كنت شديدة التفاؤل، قلت أجرّب بنفسي ومش هخسر حاجة. كوني استبيعت فادني جدًا في المقابلة لإنه خلاني مرتاحة وواثقة في نفسي (كده كده مش هشتغل)، بس ربنا أكرمني .... وعدّيت من أول مقابلة (آه فيه تاني)!
تاني مقابلة كانت (Presentation) أعملها في أي موضوع أختاره.
وفي يوم لقيتهم بيكلموني .... حضّري ورقك وتعالي!
إيه!
بتقولوا إيه!!!
بس فيه مشكلة ... الصيدلية!
لإن الصيدلي كان مهذب جدًا، ما ضايقنيش، بالعكس تمنّى لي التوفيق بكل ذوق..

التفاصيل دي لما بفتكرها بتبسطني جدًا..
النهاردة فكّرت... هل أربع سنين شغل غيّروا حاجة فيّ؟
أعتقد إني اتغيّرت بنسبة كبيرة جدًا. أول ما اتخرجت كنت طفلة جدًا، متفائلة علطول، بدوس في أي حدّ مهما كان مركزه، قلبي كان سابق عقلي دائمًا، ولساني يتبع قلبي بنسبة 90%.
أول ما اتخرجت كنت حاطة خطة، قلت أنا لازم أحب وأتجوز خلال أول سنة من التخرج (!!!) كإن الحكاية في إيدي مثلًا! الثقة دي كنت جايباها من منطق الأولويات اللي ماشية بيه طول عمري: وقت الدراسة للدراسة، الحب بعدين يا ماما مش وقته.
وكنت كل ما أروح شغل في مكان جديد وأشوف ولد شكله حلو أقول بسسسسسس هو ده، وبعد يومين أكون بشتمه في سرّي (عادي جدًا)، خصوصًا لما كنت بتخانق مع حدّ منهم في شغلي (مش عارفة ليه مسيطرة عليّ فكرة إني هحب واحد بعد ما أتخانق معاه خناقة نسيّح فيها دم بعض!!)
تدريجيًا بقيت مهتمّة (من الهمّ) أكتر، عقلي بدأ يتقدم وقلبي يتراجع (ولساني معاه)، عمليّتي دلوقتي بقت الجزء الطاغي على شخصيتي، عمليّة مش مصلحجية (فيه فرق)، ما بقتش أحبّ أضيع وقتي في حاجة مفيش منها فائدة، بس ده ما يمنعش إني ممكن أفكّر فيها كتير، بس دي حاجة مع نفسي، إنما فعليًا ببقى تجاوزت العقبة ومكمّلة..
زيادة شعوري بالهمّ صاحبتها زيادة الفرجة على الكارتون! تقريبًا مش بشوف غير الكارتون والأخبار!
حاجة كمان.. الأمان المادي.
مش عارفة إذا كانت بنات زيي كتير ولا دي حاجة راجعة للشخصية، بس أنا اتعوّدت أشتغل، حتى لما باخد أجازة بتبقى فيه حاجة ناقصاني! الشغل عندي مش مجرد شغل فراغ أو درءًا للملل .. إطلاقًا. الشغل عندي ضرورة، ومعتمدة عليه ماديًا. من وقت ما اشتغلت وأنا بطلّت آخد فلوس من أهلي.. تمامًا! مهما كنت محتاجة أو مضطرة أشتري حاجة معينة. لو ماعيش ثمنها تبقى ماتلزمنيش.
وبالتالي ما عتقدش إن شخصيتي تسمح لي بالتخلّي عن العمل إلا في الظروف القصوى. ماقدرش أتخلّى عن استقلالي المادي -وهو الأمان بالنسبة لي- بتاتًا البتّة!
بس أنا مش مبسوطة من حاجة واحدة .. إن شغلي لأربع سنين خلّاني عقلانية قوي كده! نفسي أرجع البنت اللي كانت لسّه متخرجة بكل شطحاتها ودماغها اللي نُصّها طاير ..

يا ترى كمان 4 زيّهم هبقى عاملة إزاي؟!

18 يوليو 2012

كيف يحطمك مثلك الأعلى؟




     بينما كنت أتصفح التلفاز بملل اليوم، صادفت مسلسلًا اسمه "الجامعة"، فتابعت الحلقة دون تركيز، وحدث موقف بالمسلسل جذب انتباهي، حيث أن طالبة بتلك الجامعة كانت تكتب قصصًا قصيرةً وأرادت أن تعرضها على أستاذها الكاتب الشاب  لتعرف رأيه فيما تكتب، ولأنها ظنت أن هذا الأستاذ معجبًا بها، وليس مجرد مثلها الأعلى، توقعت حفاوةً كبيرةً بقصصها، لكنه فاجئها برأيه أن كتاباتها "مراهقة".
    وعلى إثر ما حدث، كتبت تلك الطالبة فقرة قصيرة عن شعورها بخيبة الأمل، ونشرتها على موقع جامعتها الالكتروني. أعجبتني الفقرة للغاية وبحثت عنها حتى وجدتها.
       تعليقًا على الموقف ككل، تلك الفتاة أُحبِطت لأن أستاذها لم يمثّل لها مثلًا أعلى فقط، بل لأنها كانت تحبه، وظنته يحبها كذلك، فتوقعت منه ما لم تلقاه. الدرس المستفاد؟ لا تتوقع!

كيف يحطمك مثلك الأعلى؟

لكلٍ منّا شخصية يحترمها .. لا يضعها في مرتبة البشر.
شخصية قد لا تكون قابلتها من قبل، وفي نفس الوقت تقدّرها وتعتبر كل حكاية عنها بمثابة حكاية أسطورية، وقد رسمت في مخيلتك صورة ملائكية لها..
إنها أكثر الشخصيات المؤثرة في حياتك، مثلك الأعلى ..
عندما تراه مرة تشعر كأن الأرض تنسحب من تحت قدميك .. تجري وراءه بلهفة، لا تفكّر،وكأنك لا تريد شيئًا من الدنيا بعد ذلك..

وفي تلك اللحظة الخالدة التي سترويها لأحفادك في يوم ما وأنت يملؤك الفخر .. لكن ما يلبث كل ذلك أن يتحطم عندما تقابلك تلك الشخصية بذلك الجفاء، وتسأل نفسك أهذا من كنت تحلم بلقائه؟

تتجاوز ذلك وتقول: ربما يكون متضايقًا من شيء ما لذلك لم يكن لطيفًا معي وتبقى حسرة وألمًا في نفسك.

تضعك الظروف في لقاء آخر معه.. تقترب منه، ويبدأ خيالك في استعادة صورته الأسطورية الظريفة، ولكنه يفجعك بالإجابة مرة أخرى، وتشعر حينها بأنك كنت مخدوعًا طوال هذه الفترة وذلك عندما يحطم كل أحلامك وآمالك برأيه الهادم في عملك، وفي شخصك..
 وعندها ستدرك أنه ليس إلا واحد من أولئك البشر العاديين الذين ربما تحبهم أو تكرههم ولكنه لم يعد مثلك الأعلى بعد الآن ...