30 مارس 2012

تذكرتي رايح جاي ...


سمعت تلك الأغنية بالصدفة في سيارة إحدى صديقاتي،  ورغم أنني لست من معجبي(حمزة نمرة) إلا أن تلك الأغنية قبعت في خاطري منذ أن سمعتها لأول مرة. عبرت الأغنية بدقة عن شعوري تجاه (مصر) حتى وقت كتابة هذه السطور ...


طعم البعاد صبّار .. والغربة ليل بهتان
ياقلبى يا موجوع .. إياك تكون قلقان
لو طالت المسافات  .. أنا والأمل اخوات
وتالتنا كان الليل  .. ده أنا ليّ فيها النيل
وليها فيّ الروح  .. ماخترتش إنى أروح
مأنا جوعى كان كفران .. ملعون أبوك يا طموح
آخرَك تشوف لى كفيل

لكنى مش قلقان ..
تذكرتى رايح
جاي

طعم البعاد صبار .. والغربه ليل بهتان
ياقلبى يا موجوع  ..إياك تكون قلقان
أنا مش فى بلدى عويل .. لكنى مش بتشاف
زهره سنينى عجاف .. مع إنى ليّ عزيز
أفتونى فى رؤياي .. لمّوا الأمانى إزاى ؟!
حطّوها على الباسبور .. أحلامى صبحت بور
ممنوع عليها الضيّ

لكنى مش قلقان ..
تذكرتى رايح
جاي

البعد عنك خوف  .. وأنا ع الرجوع ملهوف
لكن هعود إزاى  .. ومكانى كله ضيوف
ياقلبى يا موجوع .. يا آهه حاضنة دموع
حب البلد بيعيش  .. لما يموت الجوع
ياحضن بيساعنى .. واحتجت له وباعنى
ساعه ما مدّ إيديه  .. شاور وودعنى

لكنى مش قلقان ..
تذكرتى رايح جاي

كلمات الأغنية: محمد السيد

19 مارس 2012

وداعًا جدتي ...


لم أصلِّ صلاة الجنازة على أحد أقاربي من قبل.. لم أمش في جنازة من قبل .. لم أذهب للمقابر من قبل .. لم أشاهد مراسم دفن عن قرب من قبل ...
مررت بكل تلك التفاصيل اليوم مكتملة لأول مرة، وعدتُ منذ ساعة فقط.
"ماما دودو" جدتي .. السيدة التي كنّا نتجمع في بيتها كل خميس، نجَحَت في أن تُبقي أولادها وأحفادها حولها حتى آخر يوم في حياتها، لم تُزعج أيّنا قط بمرضٍ أو تمارضٍ مما قد يلجأ له الجدود كي يجذبوا انتباه أولادهم المفقود. كما عاشت في هدوء رحلت أيضًا في هدوء دون أن تُحمّل أحدًا مشقة المستشفيات والعلاج والمبيت معها .. كانت تدعو دائمًا "يا رب خدني قبل ما أشوف اليوم اللي أبقى فيه تقيلة على حدّ فيكوا" ...
أحببت بسببها أصولي البورسعيدية .. ولطالما أُعجبت بمقدرتها على تربية تسعة أبناء وحدها بعد رحيل جدّي منذ زمن، لم يخرج من بينهم أحدٌ معوّج أو منحرف أو على أقل تقدير غير ناجح ..
كنت أداعبها دائما بالسخرية من أسماء خالاتي، حيث أسمتهم بأسماء أفراد العائلة المالكة: فوزية، فريال، ..  وأقول لها "أيوه ما هي الأسامي ببلاش!!" ، وتقول لي بفخر : أبنائي أفضل من الملوك!
أنظر اليوم في عيون "أحمد" ابن خالتي وأرى الدموع الكثيفة لأول مرة، فجدتنا هي أمه الثانية التي قضى معها أغلب طفولته، و"كريم" أيضًا، طفلها المدلل، الذي حضر من سفره خصيصًا لإلقاء النظرة الأخيرة عليها وتشييع جنازتها ..
"أنا إن قدّر الإلهُ مماتي
لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي"
أخاف ألا نرفع رؤوسنا كعائلة واحدة بعدكِ يا جدتي .. فقد كنتِ واسطة عقدنا وأخشى انفراطنا بعد رحيلك ..
لم تعلمي أننا كنّا قد جهزّنا احتفالًا صغيرًا لكِ اليوم بمناسبة عيد الأم .. سبقتنا أنتِ بحفلتك وضحكتِ علينا جميعًا ..

وداعًا جدتي ..

عن التدريس وأيامه


أثناء قراءتي لكتاب ماذا علمتني الحياة لد. جلال أمين استوقفني كلامه عن مهنة التدريس الجامعي، حيث حدد -من وجهة نظره- المعايير التي تقول بكفاءة أستاذ جامعي من عدمها، ومنها حضوره وثقته بنفسه وقدرته على إضافة شئ ما لأذهان طلابه. كما قارن بين حال الطلاب في جامعة عين شمس والجامعة الأمريكية.
وبما أنني أعمل بنفس المجال -للأسف- فلدي تجربتي الشخصية فيه، ورغم قصرها (حوالي 4 سنوات) إلا أنها كافية لتكوين رأي حول الموضوع برمته.
أولا .. لا توجد أدنى علاقة بين تفوق الأستاذ العلمي وقدرته على توصيل المعلومات للطلاب؛ فالتدريس أساسا موهبة يمكن صقلها بالتدريب، لكن إن لم توجد تلك "البذرة" فلا أمل. لذا منذ أن كنت طالبة كنت أتساءل لِمَ لا تختار الجامعة من بين الأوائل من يصلح للتدريس عن طريقة مقابلة شخصية -أو أكثر- حتى ترحم الطلاب المساكين من بعض "الدحيحة" الذين لا يفقهون شيئًا عن تقنية توصيل المعلومات؟
ثانيًا .. لا أمل في تعليم في مناخ أخلاقي فاسد، فالعلاقة بين الطالب وأستاذه علاقة من طرفين، ولكي تستقيم يجب أن يتعاون الطرفان معًا. وبالتالي فإن إلقاء كل العبء على المحاضر دون النظر لمستوى الطلاب الأخلاقي هو أمر مجحف في حق المحاضر. بالتأكيد للمحاضر الدور الأقوى والأكثر تأثيرًا في تلك العلاقة ولكنه محدود رغم ذلك. فماذا باستطاعته أن يفعل حيال طالب مجبر على دراسة هذا العلم؟ أو طالب يستريح منه أهله بعض الوقت بإرساله للجامعة لإحضار شهادة ما بعد فترة زمنية معينة؟ أو طالب يشعر بعدم جدوى ما يفعل -وهو محقّ- وبالتالي لا يرى فائدة من الإمتثال لتوجيهات أستاذه؟ ماذا يفعل المحاضر مع شباب مُحبَط متغرّب متنصّل لعربيته ناقم على مجتمعه؟ قد يستجيب "بعض" الطلاب لمحاولات المحاضر أن يُصلح من شأنهم، لكنهم بالأخير قلة لا تكاد تُذكر وسط جحافل من اللامنتمين! إن الأمر أكبر من طاقته.
ثالثًا .. التعليم كله في مصر تمثيلية سخيفة! لا دول دكاترة ولا دول معيدين ولا دي مناهج ولا دي طلبة! بس مش عارفة كلمة "النهاية" هتطلع إمتى !!
رابعًا.. بعد مرور ما يقرب من أربع سنوات على تخرجي أجد أن ما أتذكره فعلا من كلام أساتذتي هو تعليقاتهم على أشياء حياتية. أذكر نصيحة أحدهم ألا أعرّي شخصًا أمام نفسه أبدًا بمكاشفته بعيوبه (مبعملش بالنصيحة بس فاكراها ههههه)، وأذكر وقار إحداهن وهي تقول لنا: لا تزاحم أحدًا في الكلام لإنك ستكون الخاسر الوحيد (مش عارفة لو كانت شافت مجلس الشعب 2012 كانت قالت إيه). أذكر دعابة أحدهم اللطيفة إزاء نظرات زميل لزميلة في المحاضرة وتعليقه وقتها: يابني اتقل شوية متدلقش كده !! ههههههه.
ورغم اقتناعي أن الجانب الإنساني من المحاضر هو ما يعيش في ذهن طلابه بعد تخرجهم، إلا أنني -على المستوى الشخصي- لا أجد الوقت داخل المعمل حتى أتواصل معهم بشكل إنساني، وأكثرهم غير مستعد أساسا لهذا التواصل ولا يريده. أذكر أنني مثلا عندما أثير موضوع يتعلق بقراءة كتاب ما تكون الاستجابة ضعيفة للغاية، وطوال أربع سنوات عرفت عدد قليل جدا من الطلاب لديه الرغبة في التواصل الحقيقي والحديث في أوقات فراغنا المشتركة في أمور حياتية أو قراءة كتب ... وأحيانًا شؤون عاطفية :))
شخصيًا أشعر أن لديّ تلك القدرة على تبسيط معلومة معقدة دون الإخلال بها أو تتفيهها، لكن الصعوبات أكثر بكثير من مجرد مقدرة شخصية. لذلك قررت منذ فترة أنني قريبًا إن لم أجد مكانًا آخر يُتيح لي التدريس لأعداد بسيطة من الطلاب، وأن يكون تعليمًا حقيقيًا (مش تمثيلية) سأترك المجال بأكمله. لقد سئمت أشباه الأشياء، وأشفق على وقتٍ وطاقةٍ تُستنفَذ دون جدوى ملموسة وحقيقية.