10 فبراير 2012

رحلة لجنوب مصر


يقال أن من لم يزر مدينة "إدفو" لم يزر أسوان ، وأقول أن من لم يزر محافظتي الأقصر وأسوان لم يعرف مصر بعد! إنهما -في رأيي- درّتا مصر السمراوتين.
 الأقصر هي مدينة الآثار الأولى عالميًا حيث تضم وحدها ثلث آثار العالم (بالفعل تجد أنك محاط بالآثار أينما مشيت، وستصادف أماكن عدة يجري التنقيب فيها عن آثار جديدة ، فالمدينة كما يقولون عائمة على بحر من التاريخ). عُرفت قديمًا باسم "طيبة" عاصمة الدولة الفرعونية القديمة ، ثم أطلق عليها لاحقًا اسم "الأَقْصر" لكثرة ما شوهد بها من قصور ، وأسموها أيضا "مدينة المائة باب" لضخامة أبواب أبنيتها.

تتجزأ المدينة لنصفين على ضفتيّ نهر النيل: البر الشرقيّ والبر الغربيّ. يحوي البر الشرقي المعابد التي كانت تُعبد فيها آلهة المصريين القدماء مثل: معابد الكرنك ، معبد الأقصر؛ حيث كان يمثّل الحياة والعبادات فقط. أما البر الغربيّ فكان رمزًا للموت والحياة الأخرى؛ لذا حفر الفراعنة مقابرهم في وديانه مثل: وادي الملوك و وادي الملكات. وجاء "معبد الدير البحري" أو "معبد حتشبسوت" كاستثناء لتلك القاعدة لكنه كان معبدًا جنائزيا شيّدته الملكة حتشبسوت، أعظم ملكات مصر، ليُصلى عليها فيه بعد مماتها.
معابد الكرنك

بهو الأعمدة - معابد الكرنك


معبد الأقصر

معبد الأقصر

وادي الملوك

معبد حتشبسوت



أما عن محافظة أسوان فبرغم زخمها بالآثار إلا أن لها طبيعة مخضرّة تفوق الأقصر روعة. كما أن قطاعًا كبيرًا من آثارها يعود للعصر البطلمي؛ وهو الذي تلى العصر الفرعوني وبدأ على يدّ الإسكندر الأكبر. وشُيّدت فيها معابد مثل "معبد إدفو" ، "معبد كوم امبو" ، "معبد فيْلَة" المقام على جزيرة فيلة؛ إحدى الجزر البديعة في نهر النيل. كما يوجد بها "السد العالي" الذي شُيّد ليحمي مصر من فيضانات النيل الموسمية ، واستُغل في توليد الكهرباء. ولكن إنشاءه تسبب في تكوّن "بحيرة ناصر" ؛ أكبر بحيرة صناعية في العالم، مما أدى إلى غرق حوالي 14 أثر أشهرهم "معبد أبي سمبل" والذي تم نقله بعدها ، كما غرقت عدة قرى نوبية وتم ترحيل أهلها فيما يعرف باسم "الهجرة النوبية" ، والتي لا زالت إلى الآن محور العديد من القصص للروائيين النوبيين، والتي مثّلت مصابًا فادحًا وقتها، وجُرحًا لم يندمل بعد.
معبد إدفو

معبد إدفو

معبد كوم امبو

معبد فيلة

السد العالي

بحيرة ناصر

 أنصح من يودّ زيارة الأقصر وأسوان بأن ينتقل من إحداهما للآخرى برحلة نيلية. تستغرق تلك الرحلة حوالي عشر ساعات تتمتع خلالها بالخضرة على دفتيّ النيل ، وبالهدوء الشديد ، وبالهواء البكْر. وأثناءها ستعبر خلال "هويس إسنا" الذي سمعنا مؤخرًا عن غلقه في وجه السفن احتجاجًا من العمال المشتغلين فيه على عدم تثبيتهم.
"الهويس" هو حوض مقام داخل سدّ بعرض النيل، يتسّع الحوض لجسم السفينة، ومغلق من جانبيه ببوابتين؛ بوابته جهة الأقصر تحجز مياه النيل ذات المستوى المنخفض، وبوابته جهة أسوان تحجز مياه النيل ذات المستوى المرتفع بفارق ثمانية أمتار.  فإن كانت السفينة تُبحر من الأقصر لأسوان -أي من مستوى المياه المنخفض للمرتفع- فإن البوابة المواجهة للسفينة تفتح لإدخالها ثم تغلق خلفها، وبعدها تُفتح البوابة الأخرى تدريجيا فتدخل المياه عبرها لترتفع السفينة الثمانية أمتار (وأثناء تدفق المياه يتم توليد الكهرباء بواسطة توربينات، وهي سبب إنشاء الهويس من الأساس)، ثم تخرج السفينة بعدها عبر البوابة الأخرى.







هناك 4 تعليقات:

  1. قرأت الموضوع، أكثر من رائع...

    وبالمناسبة، التصوير يقترب إلى الإحترافية جدًا.. وبالذات صورة "بحيرة ناصر" و"معبد الأقصر"...

    وآخر صورة فيها شبه كبير من غلاف "خارطة الحب" :)
    معجب بيها جدًا.

    ردحذف
  2. شكرا يا عبد الرحمن .. أنا لسه شارية الكاميرا مؤخرًا وبجرّب كده مع نفسي :)
    الصورة الأخيرة دي بموبايلي :) ، وللحظ الشمس جات في وشي فالصورة أخدت اللون ده من غير ما أعمل أي حاجة فيها :)
    كلامك أسعدني جدا :)

    ردحذف
  3. حلو اوي التقرير ياأميرة وعقبال الرحلة القادمة ان شاء الله

    ردحذف
  4. إن شاء الله يا سحر .. :)

    ردحذف