15 ديسمبر 2013

أنا التي أكرهها




لستُ أدري إن كان من الصواب أن أعلن عن عيوبي صراحةً أم لا، أو بالأحرى نقاط ضعفي.



لطالما ضحكتُ من السؤال الساذج للبعض: قل لي ما هي نقطة ضعفك؟



وهل هناك من سيخبرك بنقطة ضعفه! هل هناك من سيغامر بأن يقدم لك على طبق من ذهب المدخل الذي يُمكن أن تستغله لإيذائه!



أنا سأفعل.



ربما لو قرأتُ ما يثير ضيقي في أسطر خفّ تأثيره في نفسي.



لأكون أكثر صدقًا، أنا على خلاف مع شخص لا يمكنني الانفصال عنه لو أردت. أنا على خلاف مع أنا. أنا تضايقني وتثير حنقي! لا تتعلم أبدًا. لا تكف عن تكرار نفس الأخطاء -والخطايا- بلا كلل أو ملل.



أذكر أن أول من شعر ببدايات إحدى نقاط ضعفي كان مدرس اللغة الفرنسية في مدرستي الثانوية. أخبرني يومًا أنني -رغم تميزي- أفتقد الثقة في نفسي. كلامه سبب لي الذعر، ورفضته بشدة! أنا لا أثق بنفسي؟! استحالة! أنا أدرك جيدًا نقاط قوتي وأقدر ذاتي بشكل كافي. كيف يراني بهذا الشكل؟!



الواقع يثبت لي كل يوم صحة رأي هذا المدرس... نعم، أنا فاقدة الثقة في نفسي رغم أنني أظهر واثقة إلى درجة الغرور أحيانًا. أنا أخشى الرفض. أتردد ألف مرة قبل أن أطلب شيئًا من زميل يخص العمل أو حتى خدمة شخصية. أتوقع الرفض باحتمال تسعة أعشار عن الموافقة. أفكر: لماذا عساه يلبي لي طلبي؟ من أنا حتى يوافق؟



المشكلة أن من يتعامل معي لفترة يشعر بتلك الاختلاجة التي تُغلّف أوامري في العمل لمن هم أدنى منّي، اختلاجاتي تخبرهم أنني غير واثقة من نفسي، وغير متأكدة من موافقتهم رغم أنهم لا يملكون الخيار! وهذا الإحساس يدفع بهم في أحوال كثيرة إلى رفض ما لا يُرفض!



لهذا السبب تحديدًا لا أفضل أن أطلب من أي شخص أي شئ. أحب أن أفعل كل شئ بنفسي. من أنا حتى يحسبون لي خاطر؟ أنا لا شئ.



لا أدري لماذا صرتُ هكذا على وجه الدقة. ربما كان السبب خيبات متلاحقة في الماضي ساهمت في تكوين هذا الجانب في شخصيتي. قد تكون معاملة أهلي الخشنة الجادة معي، فرغم أنني كنتُ متفوقة ومجتهدة و"مريحة"، كنتُ طفلة يحسد الأهالي أبي وأمي عليها، إلا أن مطالبي البسيطة -رغم ذلك- لم تكن أبدًا مجابة! وكنتُ أرى الأطفال من حولي يتلقون اهتمامًا لا يستحقونه من أهلهم بينما أنا أبكي بالأيام لأنال لعبة بسيطة رخيصة تافهة أعلم تمامًا أن بإمكان والدي أن يشتريها لي ورغم ذلك لا يفعل!



لم أتعوّد سماع المديح على شكلي، لا من أهلي ولا من الذكور طوال حياتي. فلماذا سأظن الآن أنني جميلة؟ لا تقولون لي الجمال ينبع من الداخل. كفى هراء! الفتاة التي تظهر واثقة من جمالها رغم تواضعه هي فتاة بثها أهلها منذ صغرها الثقة في شكلها. وثقتها تنعكس على تصرفاتها، فحتى لو خالج الشك محادثها للحظة في أنها جميلة؛ أفاقته ثقتها في نفسها وأعادته لليقين.



لطالما ظننتُ أنني قوية، لا آبه برأي الآخرين في. هراءٌ آخر.



أنا أهتم. أظهر أنني لا أهتم ولكني لستُ حقًا بتلك القوة. ونتيجة أنني أهتم فأنا أبالغ في تأويل تصرفات من حولي. أربط كل أفعالهم مهما كانت تافهة بأن لها علاقة بي، خصوصًا السلبية منها. يبدو أنني شخصية اضطهادية، تظن أن العالم كله يتآمر ضدها.



أنا حساسة لأقصى درجة. وأنا بالجامعة كنت أكثر جموحًا وانطلاقًا. مهما حدثت من مشادات في الطريق أو مع زملائي لم أكن أبالي، ولا أتوقف عند الأمر إلا لساعة ثم أنساه برمته، وقد كنتُ كذلك في أول عام لي في العمل. تحولتُ الآن إلى شخصية أكثر جُبنًا وتعقلًا. لا تقولوا لي إنها "الخبرة". لا، ما أشعر به مختلف تمامًا. فالحوادث الصغيرة التي أتعرض لها بشكل يومي بحكم طبيعة عملي أصبحت تفسد عليّ كل أنشطة حياتي الأخرى.



مشادة تافهة لا يتوقف عندها أحد، قد تتسبب في إلغائي لموعد مع صديقة! لماذا؟ لأن عقلي لا يستطيع الكف عن التفكير فيها، فأعلم أن يومي فسد كليةً!



أنا لم أكن هكذا من قبل! ما الذي حدث؟ لماذا أصبحت بتلك الهشاشة؟ ما كل هذا الضجيج الذي يملأ عقلي ويستهلك طاقتي في اللا شئ؟!



لأكون أكثر صراحة، لماذا أصبحت أفكاري تتمحور حولي بهذا الشكل المزري! ما هذا الفراغ! أغلب حديثي مع نفسي سلبي، وفي نفس الوقت فأنا أتحدث "عنّي"! أدور وأدور حول ذاتي، فتتضخم المشكلة. قد تظنون أنني "فاضية"، على العكس، يومي ممتلئ بشكل كامل تقريبًا، ورغم ذلك فرأسي لا تكف عن التفكير في "أنا".



هل أقسو على نفسي لو فكرت بهذه الطريقة، فأدخل في حلقة مفرغة لا فكاك منها؟



آمل في التصالح مع نفسي ولو لبرهة فقط حتى أستريح.


هناك تعليقان (2):

  1. بما أنّكِ شخّصتِ ما لا تحبينه واستطعتِ ترتيبه وتركيزه فالخطوة القادمة أسهل بكثير .. كم أتمنى لكِ تحقيقها .. كلّنا بنا عيوب عظيمة ..

    ولكن من منّا يعترف بها؟

    ومن منّا يغيّرها؟

    أتمنى أن أسمع منكِ خيراً في تغييرها وتجاوزها إن شاء الله تعالى

    ردحذف
  2. مش بقولك فينا من بعض كتير
    انا كنت مفكراه انى وصلت لحالتى دى
    بسبب الزواج والاطفال
    وانى بقيت حساسه قوووى بسبهم
    لكن واضح ان ده التطور الطبيعى للشخصيه دى

    ردحذف