23 يوليو 2011

الراية البيضا





عنوان أحد مسلسلات الراحل / أسامة أنور عكاشة ..
عُرض في أواخر الثمانينات ، وشاهدته لأول مرة كاملًا منذ أيام قلائل ..
طرفي الصراع في القصة هما :
- الحاجة فضة المعدواي : إمرأة واسعة الثراء تعمل بتجارة الأسماك ، تملك العديد من الأراضي والعقارات والأموال ، شديدة الجهل والسوقية ، تؤمن أن كل شئ - وأي شئ - يمكن شراؤه بالمال  .. تفكيرها رأس مالي بحت ، وتُعتبر مثالًا حيًا للجشع عقب الفقر المدقع ، متحولةً لكائن مسعور يرغب في امتلاك كل شئ فقط لإرضاء شهوة الإستحواذ بداخله ، والتي لا تشبع أبدًا ..
- الدكتور مفيد أبو الغار : سفير سابق على المعاش ، عاد للإسكندرية بعد طول غياب ، مشتاقًا لحياة هادئة بفيلته الأثرية الملآى بالتحف والكتب العتيقة ، الكائنة بأحد أرقي أحياء الإسكندرية .. حيّ لوران ..
تبدأ الأحداث برغبة (فضة) في شراء فيلا (أبو الغار) لهدمها وضمّ مساحتها لأرضها المجاورة لإنشاء برج سكني ضخم على تلك المساحة المهولة .. فتلقى رفض مهذب من صاحب الفيلا ، ولكنها لا تقنع بالرفض !
فتقرر "انتزاعها" رغمًا عنه مستخدمةً مالها مرة ، وحيل محاميها الملتوية مرة ، وتلفيق التُهم للدكتور وأصدقائه مرة ، والتهديد والإعتداء الجسدي مرة ، وعلاقاتها بالمسئولين مرة ، ... إلخ
المسلسل يمثل الصراع البدائي الخام بين الخير والشر .. وعلى الرغم من كثرة الجُمل الإنشائية والخُطب الوعظية الرنانة فيه ، إلا أن هناك عدّة نقاط أثارت احترامي للكاتب والفكرة ولفتت انتباهي :
أولًا : أبرز المسلسل أن الشر أقوى من الخير ، وكفته ترجح معظم الأحيان ، ووسائله أشرس وأكثر فاعلية ، حتى إن المسلسل انتهى نهاية مفتوحة أقرب ما تكون لانتصار الشر ! وهي نقطة تحتسب للمؤلف في وقت مللنا فيه من مشاهدة الانتصار الساذج للخير على الشر ، مما يناقض تماما ما يحدث على أرض الواقع .. وأن الخير للأسف لا ينتصر بالوسائل "النظيفة" ..
وأننا أحيانا نضطر مرغمين و تحت وطأة الضغوط أن نرضخ ونرفع "الراية البيضا" ..
ثانيًا : برغم مرور ما يقرب من ربع قرن على هذا المسلسل إلا أنك تشعر أنه لا يختلف كثيرًا عن حالنا الآن ! وهذا لا شك محبط للغاية حيث أكد احساسي بعدم قدرتنا على التغيير على الأقل بالوقت الحالي .. فنحن ما زلنا نعاني من نفس الذمم الخربة التي ساعدت (فضة) في معركتها ، ومهدت لها الطريق لسحق كرامة الرجل وفيلته معًا !
المسلسل - في رأيي - ذو قيمة حقيقية ، ويعتبر واحد من المسلسلات النادرة التي تعلق في ذهنك و تسيطر على تفكيرك لأيام عدة .. فضلًا عن أنه وثيقة مرئية جيدة لمن يحب أن يشاهد الإسكندرية في فترة الثمانينات ، حيث الكورنيش القديم الضيق ، وغياب المباني الشاهقة التي تتزاحم على شاطئ البحر الآن ..
أسعدني المسلسل بشكل خاص حيث أنني من مواليد وقاطني الإسكندرية ، فكنت أرى الشوارع بحي لوران وزيزنيا وغيرهما و أُدهش للتغييرات الرهيبة التي طرأت عليها !

هناك 5 تعليقات:

  1. للأسف.. عشان البلد تتغير فعلا هتحتاج وقت كبير
    وقت محتاجين فيه واحد كويس فوق جدا.. يبدأ يصلح من تحت جدا

    هتلاقي كل البلاد اللي كانت متأخرة عننا وسبقتنا.. بدأت كده
    واحد محترم مسك زمام الأمور، وبعدها على طول بدأ بالتعليم
    اللي بينجح في الحكاية دي هو اللي فعلا بيطلع جيل يغير ويصلح
    زي كوريا الجنوبية وماليزيا وتركيا

    على رأي واحد.. قال لي حتى مع سيدنا موسى
    الجيل اللي كان معاه كان خلاص (شب على شئ وشاب عليه).. فكان لازم كلهم يدخلوا "التيه" لحد ما يطلع جيل جديد.. سيدنا موسى يربيه
    وهو ده اللي دخل القدس

    ربنا يرزق البلد بواحد محترم بعد كل البهدلة اللي هي شافتها دي.. ويقدرنا نساعد في ده.. ما نكونش من الجيل اللي يعطل

    ردحذف
  2. عندك حق يا إسلام ..
    رأيي إن جيلنا "معقول" .. يعني ممكن يتقبل التغيير بصعوبة نسبيا ، بس فيه شوية أمل ..

    إنما الناس اللي أكبر مننا لأ .. زي النهاردة كده ، كنت راكبة الترام -المفروض أبطل أركب المواصلة دي عشان بترفع ضغطي - والحوار كله حواليا بين 3 سيدات في عمر أمهاتنا ، واحدة شايفة إن اللي بيحصل ده تمثيلية ، وإن الراجل كويس وزي الفل ، وهيطلع في آخر الفيلم يقول هييييييه ضحكت عليكوا !
    والاتنين التانيين شايفين إن مفيش أي حاجة اتغيرت ، كل حاجة زي ما هي !!!

    ما هو مش سحر والله العظيم ! مش زرار هندوس عليه ! ماهو "الحاجات" اللي بتتغير دي هي إحناااااا ! مش شعب الصين يعني !!!
    هيجنوني !!

    وبعدين يا اسلام فعلا حطيت إيدك ع الجرح ... التعليــــــــــم ... هي دي نقطة البداية ..

    ردحذف
  3. شكرا جزيلا ع اللينك .. بجد زعلت جدا :(
    والمسلسل ده فعلا محترم ، وللأسف تنبأ باللي حصل !

    ياريت كنت سبت اسمك عشان أشكرك :)

    ردحذف